اصل ابليس لعنه الله

تعريف إبليس لغة واصطلاحا:

وقال ابن منظور : أبْلس من رحمة الله ،أي: يئس وندم، ومنه سمي إبليس ، وإبليس مشتق منه لأنه أُبلس من رحمة الله،أي: أُيس ،

وقال أبو إسحق : لم يصرف لأنه أعجمي معرفة. والمبلس: اليائس ،ولذلك قيل للذي يسكن عند انقطاع حجته

ولا يكون عنده جواب :قد أبْلس. وقيل إن ابليس سمي بهذا الاسم لأنه لما أويس من رحمة الله أبلس يأساً.

والمبلس: الساكت من الحزن أو الخوف ، والإبلاس:الحيرة، وقال أبو بكر:

وحضرت يوم خميس الأخماس وفي الوجوه صفرة وإبلاس

ويقال أبلس الرجل إذا انقطع فلم تكن له حجة،وقال:

به هدى الله قوما ًمن ضلالتهم وقد أعدت لهم إذا أبلسوا سقر

وإبليس : إسم أعجمي ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة، ووزنه-فعليل – قاله الزجاج .

وقال أبو عبيدة وغيره، إنه عربي مشتق من الإبلاس، وهو الإبعاد من الخير أو اليأس من رحمة الله ،

ووزنه على هذا مفعيل، ومنعه من الصرف حينئذ لكونه لا نظير له في الأسماء .

أصـل إبليس

ذهب العلماء في أصل إبليس إلى قولين، هما:

القول الأول: أنه من الجن : وإلى هذا القول ذهب جمع من العلماء، منهم: ابن عباس ـ في إحدى الروايتين عنه ـ والحسن البصري، وقتادة، وابن زيد،

وشهر بن حوشب، والمعتزلة، والقاضي عياض، والطبراني، وأبو حيان، والرازي، وابن تيمية، والتفتازاني، وابن كثير،والشنقيطي، والصاوي، والجمل،

والشهاب الخفاجي، والشوكاني، والقاسمي، والبقاعي، والبيضاوي، والمراغي،والبروسوي،وأبو البقاء العكبري، والكواشي،

والشعراوي واستدل هذا الفريق على كون إبليس من الجن بالآتي:

1- قوله تعالى: "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه " (الكهف/50).

والآية تدل دلالة صريحة على أن إبليس من الجن وليس من الملائكة، ومن المعلوم أن عالم الجن ليس كعالم الملائكة، وأكد على هذا كثير من العلماء...

2- وقوله تعالى في شأن إبليس: " أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني " (الكهف/50).

والآية تدل بصراحة على أنه ليس من الملائكة، لأن الملائكة لا يوصفون بذكورة ولا بأنوثة،

وبالتالي لا يتناكحون ولا يتناسلون، وليس لهم ذرية، لأن الذرية تنتج من التقاء وتناكح الذكر والأنثى.

ولما زعم بعض مشركي العرب أن الملائكة إناثاً، وأنهم بنات الله ـ وهم يكرهون البنات ـ

ردّ الله على زعمهم فقال: " فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون أم خلقنا الملائكة إناثاً وهم شاهدون*

ألا إنهم من إفكهم ليقولون* ولد الله وإنهم لكاذبون* اصطفى البنات على البنين* ما لكم كيف تحكمون" (الصافات/149-155).

وقد جعل الله تعالى قولهم هذا شهادة سيعاقبون عليها، قال سبحانه:

" وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الله إناثاً اشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون" (الزخرف/19)،

"انكر على من حكم عليهم بالأنوثة، فإذا انتفت الأنوثة انتفى التوالد لا محالة فانتفت الذرية"

وعلى أية حال، فالآية مصرّحة بإثبات الذرية لإبليس، والملائكة لا ذرية لهم، ولذلك صرّح كثير من أهل العلم بأن إبليس هو أبو الجن،

كما أن آدم هو أبو البشر. فقد روى الطبري بسنده عن الحسن البصري، قال:" ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين، وإنه لأصل الجن، كما أن آدم عليه السلام أصل الإنس"

والجان الوارد في قوله تعالى: " والجان خلقناه من قبل من نار السموم"(الحجر/27) هو نفسه إبليس، قال الطبري:"وعنى بالجان ههنا:إبليس أإبا الجن

ومن العلماء الذين ذكروا أبوة إبليس للجن: ابن أبي حاتم، ابن تيمية، الجمل، الصاوي،

أبو حيان، ابن عاشور، الشربيني، الألوسي(26)، وغيرهم كثير.

3- وقوله تعالى في شأن الملائكة: "لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون"(التحريم/6).

فالآية تنفي المعصية عن الملائكة نفياً مطلقاً، ولو كان إبليس من الملائكة لما عصى الله تعالى فامتنع عن تنفيذ أمر الله بالسجود لآدم.

ولو كان إبليس من الملائكة لكان امتناعه عن السجود أمراً له من الله تعالى،

لأن الملك لا يعصي لله تعالى أمراً، فهم معصومون، وإبليس ليس كذلك بدليل عصيانه.

ولما نصت الآية على أن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود، وأن إبليس لم يأتمر بالأمر، بل أبى واستكبر، دلّ ذلك على أن ابليس ليس من الملائكة ... .

4- أوضح القرآن أن ابليس خلق من نار، قال تعالى:

" قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين " (الأعراف/12).

فإبليس برّر عدم سجوده لآدم بأنه مخلوق من نار وآدم مخلوق من طين، والنار أشرف من الطين بزعمه... .

فالجن مخلوقون من النار، قال تعالى: "والجان خلقناه من قبل من نار السموم" (الحجر/27)،

وقال : "خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار" (الرحمن/15) .

بينما الملائكة مخلوقون من نور، كما جاء في الحديث الصحيح:خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم

فالعنصر الذي خلقت منه الملائكة غير العنصر الذي خلق منه الجن، فطبيعتهما مختلفة...، وبما أن ابليس خلق من النار، إذن فليس هو من الملائكة طرفة عين ... .

هذه هي أشهر الأدلة التي استدل بها من ذهب إلى أن ابليس من الجن وليس من الملائكة ... .

القول الثاني: أنه من الملائكة، وإلى هذا القول ذهب جمع غفير من العلماء،

منهم: ابن عباس ـ في إحدى الروايتين عنه ـ وابن مسعود، وابن جريج، وسعيد بن المسيب، وقتادة ـ

في إحدى الروايتين عنه ـ واختاره الطبري، والبغوي، والأشعري، وابن قدامة، وغيرهم ...

قال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى: " فسجدوا إلا إبليس أبى " (البقرة/34): "

كان من الملائكة على قول الجمهور: ابن عباس، وابن مسعود، وابن جريج، وابن المسيب، وقتادة، وغيرهم، وهو اختيار أبي الحسن، ورجّحه الطبري، وهو ظاهر الآية"

و استدل هذا الفريق على ما ذهب إليه من كون إبليس من الملائكة بما يلي:

1- قوله تعالى: " فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس استكبر" (ص/73-74)،

وقوله: " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين" (البقرة/334)،

وقوله: " ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين" (الأعراف/11)

قالوا: الاستثناء في قوله تعالى: " فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين" (ص/73-74)

استثناء متصل، لتوجه الأمر على الملائكة، فلولا أنه منهم، لما توجه الأمر عليه،

وبالتالي لم يقع عليه ذم لتركه فعل ما لم يؤمره، وإخراجه بالاستثناء من لفظ الملائكة، دليل على أنه منهم، وكذلك الأصل في الاستثناء الاتصال لا الانقطاع

أحسنت أخي بارك الله فيك وزادك علما وفقهك في الدين

وجُزيت خير الجزاء ..

لي طلب عندك ألا وهو أريد منك فقط لو تذكر اسم المصدر بارك الله فيك

حتى يستفيد طلاب العلم من هذا البحث .

فإذا لم يذكر اسم المصدر لا يستطيع الباحث نسخه أو نشره.

فتكرم علينا أخي الكريم بذكر اسم مصدر هذا البحث

أعاذنا الله وإيّاكم منه..
وياحبذا لوكان العنوان غير اللعن(بمعنى:مكان اللعن الاستعاذة منه)..
وقد تكلم أهل العلم عن حكم لعن الشيطان..[أنظروا لكلام العلامة ابن عثيمين رحمه الله عن ذلك]..
وبالنسبة هل الشيطان من الجن أو الملائكة أيضًا مسألة خلافية بين أهل العلم قديما وحديثا،لكن الذي أعلمه أنّ مثلا كلام المعاصرين وأقصد بــ الشيخ ابن باز والألباني وابن عثيمين والفوزان يقولون أن إبليس ليس من الملائكة مع حكاية بعضهم للخلاف.
قال الشيخ محمد الإمام حفظه الله: " وخلاصة القول: أنه لا دليل على أن إبليس من الملائكة ، بل الأدلة قاضية أنه ليس منهم، فالقائلون أنه منهم عليهم أن يتحروا الحق؛ فإن المسألة مهمة ولها علاقة بعقيدة المسلم، والله المستعان."
(أحكام التعامل مع الجن وآداب الرقى الشرعية ص 34 / ط: دار الميراث النبوي)..

ومن أرادَ الاستزادة في هذا فــكلام أهل العلم مبسوط وموجود سواء أهل العلم قديمًا أو حديثًا..

بارك الله فيك أخي الفاضل د.عبد الله وبعملك..
جزاكَ الله خيْرًا ونفع بك..

الكود:

[code]

أشكرك أخي عبدالله على تعليقك

ولكن دعني أوضح لك بعض الأمور التي أنت ذكرتها

أولا عنوان الموضوع بلعن إبليس جاء من حيث استحقاقه وهذا يجوز؛ لأنه هو ملعون بنص القرآن،

لكن إذا أغضب الإنسان فلعنه هنا يتعاظم الشيطان ويفرح .

فالأخ د.عبدالله جزاه الله خيرا ذكر العنوان باللعن من باب الإستحقاق والجواز وليس من باب الغضب.

أما التوضيح الثاني أنت ذكرت قول العلماء

(أنه لا دليل على أن إبليس من الملائكة ، بل الأدلة قاضية أنه ليس منهم،)فأحسنت أخي لتوضيحك

وهذا ما ذكره الأخ د.عبدالله في بحثه هو لم يقل ولم يرجح أن إبليس من الملائكة

بل قال ما قاله العلماء أنه من الجن وبالأدلة .

أحببت أن أذكر هذه النقاط وأوضح هذه الأمور

حتى لا نظلمه ولا نشوش على الزائرين أن الموضوع فيه أخطاء

الموضوع رائع ومرجحة بالأدلة الواضحة وعمل موفق إن شاء الله. فجزاه الله عنا خيرا.

وجزاك أيضا خير الجزاء أخي عبدالله.

أعاذنا الله وإياكم منه, بحث رائع أخي بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

ننتظر جديدك أخي

شكرا لك اخي د .عبد الله
على هذا الطرح الجميل افدتنا
بارك الله فيك

جزاك الله خيرا أخي د. عبدالله معلومات مفيدة

جزاك الله خيرا أخي الفاضل د.عبدالله موفق إن شاء الله بارك الله فيك

» استكمال مقال بيان اصل ابليس
» محاضرة ( الملعونات على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم )
» صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله
» وعد الله لايخلف الله وعده ولكن اكثر الناس لايعلمون بشرى النصر القادم من سورة الروم | الشيخ بسام جرار
» أولاد الرسول صلى الله عليه وسلم والحكمه من وفاه اولاده الذكور فى حياته بالبور بوينت