تدبرات في قصة المراودة من سورة يوسف 1-- 17

تدبرات في قصة المراودة من سورة يوسف

1

سبقت القصة بما يحدد مكانها وأشخاصها , بل وخصائصم:

{وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا}

فالمكان ( من مصر ),

والمشتري من ذوي المكانة:

(وكذلك مكنا ليوسف في الأرض)

وأن يوسف كان إذ ذاك صبيا : (يتخذه ولدا)

2

أول ما يواجهنا في القصة تلك الكلمة التي تختصر الحدث كله :

(وراودته),

وأنها بذلت قصارى جهدها في التحايل لأن المراودة دالة على رفق في الطلب ومجيء وذهاب,

وصيغة المفاعلة ( وهي المراودة هنا ) تدل على التكرار.

3

( التي هو في بيتها )

ذكرت المرأة بالإسم الموصول ( التي ) دون اسمها,

أو بالإضافة ( امرأة العزيز ),

للمحافظة على السر, أو الاستهجان ذكره ,ولإظهار كمال نزاهته,

فإن عدم ميله إليها مع دوام مشاهدته لمحاسنها,

واستعصاءه عليها مع كونه تحت ملكتها ينادى

بكونه عليه السلام في أعلى معارج العفة والنزاهة.

تدبرات في قصة المراودة

4

(وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ) في تعدية الفعل (راود )

بحرف الجر (عن) سر, فإنه لما كانت المراودة تدل على الحركة,

وكان حرف (عن) يدل على المجاوزة, فكأنها أرادت بكل حيلها وأنوثتها

تجريده من نفسه هو, ليكون لها وحدها !

5

( وغلقت الأبواب وقالت هيت لك )

هذه أول خطوة قامت بها امرأة العزيز في سبيل رغبتها,

وهي خطوة ذات شقين , فعلي : ( وغلقت الأبواب )

وقولي : (هيت لك ),

وتشير كلمة ( غلقت ) إلى إحكام الغلق , وإلى كثرة الأبواب,

تهيئة لفعل مرادها.

6

( وغلقت الأبواب وقالت هيت لك )

يلفت النظر هنا الإيجاز الشديد في ذكر هاتين الخطوتين ( التعليق , والقول )

ففيه إشارة إلى ضرورة الاختصار في كل ما يتعلق بهذه القضية,

وعدم التطويل في سرد التفاصيل المحركة للغرائز.

تدبرات في قصة المراودة

7

(قال معاذ الله )

في إظهار قول يوسف عناية بإبراز ما تفوه به في تلك اللحظة مقابل ما تفوهت به,

ليتضح الفرق بين لغة الشهوة والخيانة,

ولغة العفة والوفاء !

وفي سبق التعوذ إلى لسانه دليل على عظم صلته بربه وقربه منه,

وإلا فإنه لا يوفق لمثل هذا كل أحد!

8

( إنه ربي )

فذكر عنوان الربوبية هنا دون السيادة ,

لُما فيه من الاعتراف بالمعروف والفضل,

وهذا دليل على أن من المروءة ورفيع الأخلاق أن يحفظ الإنسان حق من أحسن إليه,

فضلا عن أن يخونه, والسياق دل على أن المراد هو من رباه وقال:

أكرمي مثواه , لا خالقه ,لأنه المتبادر إلى مفهوم المرأة المتلقية للخطاب.

9

(ولقد همت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه)

صدر الأول بما يقرر وجوده من التوكيد القسمي (ولقد)

وعقّب الثاني بما يعفو أثره من قوله عز وجل:

( لولا أن راى برهان ربه )

الدال على قبح الزنا, وبما أن برهان ربه قد وُجد, فالهم لم يوجد.

تدبرات في قصة المراودة

10

( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين )

شهد الله في هذه الآية على طهارة يوسف أربع مرات :

1): ( لنصرف عنه السوء ) واللام للتأكيد والمبالغة, وأن السوء صرف عنه ,

وهذا أبلغ من أن يصرف عنه السوء.

2): ( والفحشاء ) فصرف عنه السوء والفحشاء.

3): ( إنه من عبادنا ) فأضافه إليه .

4): ( المخلصين ) وقرئت بفتح اللام وكسرها .

11

( واستبقا الباب )

ولم يقل : واستبقا ( إلى ) الباب :

1): لأن الاسباق ليس مقصوداَ لذاته بل هو وسيلة ,

والمقصود هو الباب , ولو قيل استبقا إلى الباب , لكان الباب منتهى السباق ,

لأنه يتجاوز الباب بتغير المكان,

والموقف كله , لذا كانت حريصة على منعه من ذلك .

2 ): وليشير إلى سرعة الوصول , حتى لكأنهما في لحظة قد وصلا الباب .

12

( وقدت قميصه من دبره )

وفي ذكر قدّ القميص ,

وتحديد مكان القدّ إشارة إلى أن يوسف هو الأسبق إلى الباب,

وهذا يعني انه هو الهارب وهي المطاردة.

وفي ذكر مادة (القدّ) دون ( السبق ) لأن القد لا يكون إلا طولا,

وهذا أكثر مطابقة للواقع .

تدبرات في قصة المراودة

13

( ما جزاء من أراد بأهلك سوء )

ولم تقل : ماجزاء يوسف ; فكأنها لا تريد أن يصيب معشوقها مكروه مقصود

يؤذيه هو بعينه ، لذا أخفت اسمه عند لحظة المواجهه ،

كما أن في ذلك تخفيفاً من رد يوسف عليها ،

إذ لو أشارت إليه أو نسيت الأمر بصراحة إليه لربما حدث أمر آخر .

14

في قولها : (بأهلك ) بدلاً من قولها : ( بي)

فائدة ، وهي : إضافة نفسها إلى العزيز ; لتثير عاطفته نحوها ،

ولتغريه بهذا الذي اعتدى على العزيز في أهله ،

وفي اختبار (الأهل) دون (الزوجة) ما يوحي بالاستقرار والراحة ،

كل هذا لتحفز زوجها على نصرته لها ، وترويض خصمها ،

فهي تقيس هنا مجموعة مشاعر مختلفة

بين استغراب ، وسؤال ، ورهبة ، وعشق ،

كل ذلك استطاعت استيعابه بخطاب شامل يدل على قدرة فائقة في ذلك .

15

(إلا أن يسجن أو عذاب أليم )

سبق السجن بـ ( أن والفعل ) ، بينما جاء "العذاب " صريحاً موصوفاً ،

ولم يقل : (أن يعذب ) ;

لأن لفظ السجن يطلق على البيت الذي يوضع فيه المسجون ،

ويطلق على مصدر سجن ، فحتى لا يتبادر إلى الذهن الموضع فقط ،

ذكر الفعل مسبوقاً بـ ( أن ) ليتحقق معنى الفعل ،

لأنه الذي فيه النكاية .

16

التعبير بـ ( أن يسجن ) لايدل على الجنس الدائم,

بل المراد سجنه يوما أو أقل على سبيل التخفيف ,

ولو أراد الحبس الدائم لقال :

يجب أن يجعل من المسجونين , كما قال فرعون حين تهدد موسى عليه السلام

في قوله : ( لئن اتخذت إله غيري لأجعلنك من المسجونين ).

17

( وشهد شاهد)

تلحظ العناية بشأن الشهادة , حيث ذكرت في لفظين متجاورين ,

فـ(شهد) يمثل القيام بالفعل ـ وهو الشهادة ـ

ولولا هذا المعنى لقيل :

ويشهد بعض أهلها , وتقييد الشاهد بكونه ( من أهلها )

فيه دلالة على قوة شهادته إذا شهد عليها ;

لأن المتوقع في مثل هذه الحالة أن يشهد لها,لا عليها; بسبب الحمية.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكِ الله خيرا أختي الكريمة على اختيار قصة
نبي الله يوسف وبيان مافيها سبحان الله من معاني
قد قمتِ بتوضيحها لأن فعلا كنا سابقا نسمع من بعض الناس
كلام خاطىء في تفسير ماحدث... يعني حاش نبي الله يوسف كانوا يقولون
مثلا أنه ايضاً همِّ بها وهذا يتنافى مع كلام الله سبحانه وتعالى كما أوردتيه.
الله يحفظك ويزيدك علما نافعاً.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

تدبرات في قصة المراودة من سورة يوسف 1-- 17 WM439254

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا أختي الفاضلة على ما قدمت وطرحت وثبتك على طاعته

موضوع: السلام عليكم الإثنين مايو 14, 2012 7:08 am

جزاك الله خيرا اختى

وجزاكم كذلك خير الجزاء وباركم فيكم على مروركم الطيب

موضوع: بارك الله لك الخميس مايو 31, 2012 6:47 pm

جزاكم ربى الجزاء الأوفى وجعله فى ميزان حسناتك يارب

أحسن الله إليك

أخي صلاح وأخي عابر سبيل جزاكما الله خيرا وأحسن الله إليكما

تشرفت بمروركما إخوتي حفظكما المولى وبارك فيكما

جزاك الله خيرا

» فـــوائــــــد آية من سورة الأنعام وآية من سورة الأنفال
» قصه يوسف عليه السلام
» دعوة يوسف عليه السلام لأصحاب السجن
» القول الفصل في قضية الهم بين يوسف وإمرأة العزيز
» أحاديث صحيحة في سورة الكهف